فضاء حر

صراع نوايا ومخاوف

يمنات
حالة فقدان ثقة عامة .. الجميع لا يثق في الجميع، والكل يتربص بالكل..
ولا أحد من فاقدي الثقة في غيره يملك أية ثقة في نفسه، أو في أن لديه الدليل الشامل للخروج بالبلاد من أسوأ ضياع تعيشه طوال تاريخها الحديث.
الحوثيون والإصلاحيون لا يثقون في الرئيس هادي، والرئيس هادي لايثق في الحوثيين والإصلاحيين..
وإذ يتهم الإصلاحيون هادي بالتحالف مع الحوثيين ويهاجمونه ويخونونه لذلك؛ يتهم الحوثيون هادي أيضا بالتحالف مع الإصلاحيين ويهاجمونه لذلك..
هادي وصالح في علاقات عدائية، والإصلاح والمؤتمر في عداء أسوأ، والمؤتمر والحوثيون في علاقة من الشد والجذب؛ أحيانا تبدو علاقة ود، وأحيانا أخرى تتصاعد المخاوف المتبادلة لحدود توقُّع الصدام، وفي الحالتين لايتوقف هادي ومثله الإصلاح عن اعتبار الحوثيين متحالفين مع “صالح”؛ وبدوره لايتوقف صالح أو رجاله عن اتهام هادي بأنه هو المتحالف مع الحوثيين!!
والكل إذ يتهمون الكل بالتحالف مع الحوثي، يحاول كل طرف أن يسبق الآخر إلى التحالف مع الحوثيين!!، فهم الحصان الأسود الذي يراهن عليه كل تيار بشرط أن يضمن أنهم (الحوثيون) لن يتحالفوا إلا معه، ولو فعلوا وتقاربوا مع الإصلاح مثلا لما استمر الإصلاح في اعتبار وجودهم العسكري مشكلة بل سيبدأ بالحديث عنه كضرورة .. وهكذا غير الإصلاح أيضا.
وبالطبع لا يدور كل هذا الصراع الذي يمضي بالبلاد إلى الهلاك؛ حول أية قضايا كبرى، إنه فقط، وفي معظمه، صراع نوايا ومخاوف (إذا ما استثنينا صراع الحوثيين مع القاعدة)، أو صراع لمد نفوذ، أو للحفاظ على ما تبقى من نفوذ.
و ما يبدو أنها عناوين كبرى للصراع مثل قضايا الأقلمة والدستور، لا يمثل في الواقع أي جوهر للصراع، فجميعهم بات من حيث المبدأ موافقا على الأقلمة ومسودة الدستور، والخلاف فقط حول التفاصيل: وأبرز ما في التفاصيل عدد الأقاليم وطبيعة خارطة الأقلمة التي يريدها الحوثيون، أو البند الدستوري الخاص بمنع العسكريين السابقين من تولي منصب الرئاسة؛ بالنسبة للمؤتمر.
عدا ذلك فالجميع لا يتطرقون إلى الانتخابات، إلا المؤتمر الشعبي إذ يتذكرها في أوقات التصعيد بينه وبين هادي فقط.

وبالنسبة للأطراف الدولية، فإن تأثيرها على التطورات السياسية تآكل بشكل كبير بفعل تنامي قوة الحوثيين والوقائع الناتجة عنها، بحيث أن تأثير الدول العشر الآن لم يعد يمثل ولا خمسة بالمائة مما كان عليه في 2011 و 12، مثلا، حين كان السفير الامريكي وحده أو جمال بن عمر لوحده؛ قادرا على التطواف في غضون ثلاث ساعات بمنازل قيادات الأحزاب في صنعاء لينتهي إلى إنجاز مبادرة والتوقيع عليها وإنفاذها أيضا في ذات الوقت.
هذا هو الوضع البانورامي لليمن في هذه اللحظة، وخلاصته أن المستقبل لم يكن يوما بمثل هذا السواد القاتم.
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى